يعتبر الأثر المروي عن الرسول ﷺ أو الصحابة أو التابعين محورًا أساسيًا في علم التفسير، حيث يسعى العلماء لتوضيح المفاهيم الفقهية والقرآنية التي تساعد الباحثين على فهم هذه الموروثات. ومع تنوع مصادر تفسير القرآن الكريم، نجد أن هناك اهتمامًا كبيرًا بذكر اسم الأثر المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد الصحابة الكرام أو أحد التابعين رضي الله عنهم جميعًا.

تفسير الأثر المروي عن الرسول ﷺ أو الصحابة أو التابعين

لقد انطلق علم التفسير من اهتمام السلف الصالح بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وتابعيهم. لذا، يتم الحديث عن الأثر المروي عن الرسول ﷺ أو الصحابة أو التابعين كالتالي

  • التفسير بالمأثور.

يعتمد التفسير بالمأثور على أربعة مصادر رئيسية، وهي القرآن الكريم وسنة النبي، وأقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. وقد اتفقت آراء علماء الفقه والتفسير على هذا المنهج، وهو ما يتضح في كتب الإسلام والشرع. والله أعلم.

مصادر التفسير بالمأثور

تشمل مصادر التفسير بالمأثور ما يلي

  • التفسير بالقرآن وهو الأفضل في تفسير القرآن الكريم، حيث يتم الاعتماد على تفسيرات الآيات بآيات أخرى. كمثال {فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}، حيث يتم تفسير الآية الأخرى {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
  • التفسير بالسنة يعتمد على ما قدمه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من توضيحات، مثل قوله تعالى {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.

استندت التفاسير النبوية، مثل تفسير قوله تعالى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، إلى معنى المغضوب عليهم بأنهم هم اليهود، والضالين هم النصارى، وكذلك قوله تعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}، حيث يمثل الخيط الأبيض بياض النهار، والخيط الأسود سواد الليل.

  • التفسير بأقوال الصحابة فهم الأقرب للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والأقدر على فهم معاني الآيات.
  • التفسير بأقوال التابعين ويدور الخلاف بين العلماء حول جواز أخذ هذه الآراء، فبعضهم أجازها في حال عدم وجود تفسير في القرآن أو السنة أو أقوال الصحابة، وآخرون لم يقبلوا ذلك.

دور الصحابة في علم التفسير

لقد كان للصحابة دور بارز في تفسير القرآن الكريم. عند مواجهتهم لآية دون تفسير، كانوا يعملون على اجتهادهم واستنباط معاني جديدة بناءً على مجموعة من القواعد، منها

  • فهم أحوال اللغة وخفاياها.
  • الاطلاع على عادات العرب.
  • معرفة أحوال اليهود والنصارى عند نزول القرآن.
  • امتلاك الفهم الدقيق.
  • لم يتساوى جميع الصحابة في مستوى التفسير، بل كانوا مختلفين في ذلك.
  • اشتهر العديد من الصحابة في هذا المجال، منهم الخلفاء الراشدون، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير.
  • كما أبدع آخرون، ولكن بمستوى محدود مثل أنس بن مالك وأبو هريرة وعائشة.
  • ومع ذلك، يعدّ علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود من أبرز المفسرين.

التفسير عند الصحابة والتابعين

كان للصحابة اهتمام بالغ بالقرآن الكريم، فحافظوا عليه وعملوا على تدبر معانيه. قال أبو عبد الرحمن السلمي(حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن مثل عثمان بن عفان وابن مسعود أنهم كانوا إذا حفظوا عشر آيات من النبي صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزونها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل). وهذا يعكس شغف الصحابة بتفهم القرآن الكريم.

ويعتبر التابعون من ظهروا بعد عصر النبوة ولم يلتقوا بالنبي إلا أنهم اجتمعوا مع الصحابة. وقد تم الإشادة بهم في حديث النبي حين قال “خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ”. وقد تمثل عملهم في مجموعة من المدارس التفسيرية التي تعكس تنوع أساليبهم.

أمثلة على كتب التفسير بالمأثور

توجد العديد من كتب التفسير التي تعتمد على التفسير بالمأثور، منها

  • جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري.
  • الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي.
  • معالم التنزيل للبغوي.
  • تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
  • الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي.

أفضل طرق التفسير

يمكن القول إنّ أعلى أساليب تفسير القرآن هو التفسير بآياته وكذلك الاستناد إلى السنة النبوية، فإن لم يتوافر ذلك يمكن الرجوع إلى أقوال الصحابة والتابعين. ومع ذلك، تبقى أفضل طريقة للتفسير مستندة إلى الأثر، ومع الأخذ في الاعتبار الأولويات من القرآن، إلى السنة، ثم أقوال الصحابة، وانتهاءً بأقوال التابعين.

وبهذا، يظهر أن الأثر المروي عن الرسول ﷺ أو الصحابة أو التابعين يتضمن العديد من الأبعاد الهامة، مما يستدعي العناية في التفسير والبحث عن المعاني من المصادر المتنوعة.