أجرى باحثون دراسة حديثة تُظهر تأثير جين رئيسي على قدرة المحاصيل الزراعية على مقاومة الأعشاب الطفيلية، وهو ما يعد أحد أخطر التحديات التي تواجه الأمن الغذائي على مستوى العالم.

تسلط نتائج هذه الدراسة الضوء على إمكانية تطوير استراتيجيات جديدة في مجالات تهجين وتربية النباتات، مما يساعد في حماية المحاصيل الأساسية من تهديد الأعشاب الطفيلية، ويعزز بذلك الأمن الغذائي العالمي.

الدخن اللؤلؤي

تشير الدراسة إلى أن الدخن اللؤلؤي، وهو نوع من الحبوب يُزرع في مناطق جافة مثل المملكة العربية السعودية، يتعرض لتهديدات من آفة الستريغا هيرمونثيكا، أو ما يُعرف بـعشبة دغل الساحرة الطفيلية. وقد أظهرت الأبحاث أن سلالات الدخن اللؤلؤي التي تفتقر إلى الجين “CLAMT1b”، المسؤول عن إنتاج هرمونات معينة، تتمتع بمقاومة فعالة لهذه الأعشاب، بينما تسجل السلالات الحاملة لهذا الجين ضعفًا في هذه المقاومة. وأوضح البروفيسور سليم البابلي، أستاذ علوم النبات في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، أن الدخن يُعتبر غذاءً رئيسيًا لحوالي 100 مليون شخص في إفريقيا وآسيا، وبالأخص في المناطق الجافة.

من جانبها، أكدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة على أهمية الدخن في تعزيز الأمن الغذائي من خلال إعلان عام 2023 سنة دولية للدخن.

مقاومة الأعشاب الطفيلية

توضح الدراسة أن شتلات الستريغا تتوافق مع جذور النباتات المضيفة لتحصل على الماء والمواد الغذائية بالطريقة الطفيلية. وتظهر النباتات قدرتها على مواجهة هذه الأعشاب من خلال طريقتين: الأولى هي استجابة مناعية تمنع التفاعل مع العشبة الطفيلية، بينما تعتمد الثانية، التي تستخدمها بعض المحاصيل مثل الدخن والأرز والذرة، على إنتاج هرمون يُدعى ستريغولاكتون “strigolactone”. وقد توصل الباحثون من خلال الفحوصات الجينومية إلى أن وجود جين “CLAMT1b” يؤدي إلى إفراز أربعة أنواع من هذا الهرمون، ما يعزز التفاعل مع الستريغا. ومع ذلك، تظهر النباتات التي تفتقر إلى هذا الجين مقاومة لهذه الأعشاب.

تعزيز امتصاص الماء

أيضًا، تُظهر دراسة أخرى تناولت أصنافًا مختلفة من الدخن اللؤلؤي، بما في ذلك الأصناف التجارية، وجود الجين “CLAMT1b” في معظم هذه الأصناف. وكشفت الأبحاث أن تأثير هذا الجين على العلاقة التكافلية بين الدخن والفطريات الجذرية المفيدة ليس له أثر ملحوظ، خصوصًا في سياق تعزيز امتصاص الماء والمغذيات ومقاومة الأمراض. هذه النتائج تشير إلى أن استراتيجيات تربية النباتات التي تستبعد جينات “CLAMT1b” قد تساهم في حماية المحاصيل من تأثيرات الطفيليات، دون التأثير سلبًا على العلاقة البيئية الأخرى التي تدعم نموها واستمرارها. 

توفر هذه الدراسة الجديدة أداة للمزارعين لاختيار بذور ذات نسخ جينية متنوعة من الجينات المقاومة، مما قد يُعزز من القدرة الإنتاجية للمحاصيل في المزارع التجارية في المملكة وكذلك لدى المزارعين الصغار في إفريقيا، مما يؤثر بشكل إيجابي على الأمن الغذائي في تلك المناطق.