تتناول هذه الدراسة موضوع “ما معنى كلمة العاديات”، وهو موضوع يحمل أهمية خاصة في فهم معاني القرآن الكريم. يُعتبر القرآن الكريم كلام الله ووحيه الموجه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويتبعه المسلمون في عباداتهم وأحكامهم. ويحتوي الكتاب الكريم على العديد من الكلمات التي تتطلب توضيح معانيها وتفسيراتها لتيسير فهمها على جميع المسلمين، وذلك بسبب البلاغة العالية للقرآن وضعف اللغة العربية لدى بعض الأفراد في العصر الحالي. في هذا المقال، سنستعرض تفسير كلمة العاديات بالإضافة إلى بعض الكلمات الأخرى الواردة في القرآن.
سورة العاديات
قبل الغوص في معنى كلمة العاديات، دعونا نتعرف على سورة العاديات. تُعد هذه السورة من السور المكية، وهي من السور المفصلات التي تضم العديد من الآيات القصيرة، حيث تحتوي على 11 آية. تحتل السورة المائة من ترتيب سور المصحف الشريف، وبدأت بقسم، ولم تُذكر فيها اسم الله. نزلت هذه السورة بعد سورة العصر وتقع في الجزء الثلاثين من القرآن. وقد أُطلق عليها اسم “سورة العاديات” نسبةً إلى قسم الله -سبحانه وتعالى- بالعاديات في الآية الأولى.
ما معنى كلمة العاديات
تتمثل معنى كلمة العاديات بالخيل التي تجري في سبيل الله وتعدو في الغزو، حيث وصفها الله بالعاديات لسرعتها وشدة عدوها. ذُكرت الكلمة في سورة العاديات في قوله تعالى {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا* فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا* إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * ۞ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ* إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ}. حيث يُقسم الله -سبحانه وتعالى- بالخيل التي تُجري في سبيله. وقد ورد عن أبي حاتم وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بأن العاديات تعني الإبل، بينما قال ابن عباس -رضي الله عنه- إن العاديات تدل على الخيل. ويظهر من كلام المفسرين اختلاف حول المقصود، سواء كان الخيل في سبيل الله أو الإبل في سفر الحج.
معنى كلمة ضبحا
بعد الكشف عن معنى كلمة العاديات، يُعرَف أن كلمة ضبحا تشير إلى صوت النفس الشديد الذي يُصدره الخيل عند العدو. إنه ليس بصهيل الخيل ولا بحمحة، ولكنه نَفَس ينطلق من الخيل أثناء الجري السريع. وقد وُصفت هذه الحالة في الآية الأولى من سورة العاديات لتعكس واقع الخيل أثناء المعركة.
سبب نزول سورة العاديات
بعد توضيح معنى كلمة العاديات، سننتقل إلى أسباب نزول السورة. يُذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل سرية من الجيوش، وتأخر وصول الأخبار عنها. فنزلت هذه السورة لتخبر النبي بحالهم. وقد رواها عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في حديث ضعفه العلماء، حيث قال “بعث رسول الله خيلًا فمرت شهرًا بلا أخبار، فنزلت والْعَادِيَاتُ ضَبْحًا في دلالة على حال الفارس المجاهد”. وكان الهدف من هذه السرايا هو حيّ كنانة وتولى قيادتها المنذر بن عمرو الأنصاري.
تفسير سورة العاديات
يتصل فهم معنى كلمة العاديات بتفسير سورة العاديات بشكل عام. تفسير السورة وفق ما ورد عن علماء التفسير يتجلى فيما يلي
- {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} يُقسم الله بالخيل التي تعدو في سبيله، تحمل المجاهدين الذين يُقاتلون أعداء الله.
- {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} تشير إلى الخيل التي تُوقد النار عند ما تضرب حوافرها في الحجارة.
- {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} بجانب أن الخيل تغزو الأعداء في وقت صباح الغزوات.
- {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} الخيول تُثير الغبار أثناء اجتياحها للأعداء.
- {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} تجد الخيول نفسها تتوسط في تجمع الأعداء.
- {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} الإنسان إذا لم تهدئ نفسه، يكون كفورًا بنعم الله.
- {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} الإنسان يُقيم الشهادة على نفسه بكفره.
- {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} الإنسان يُحب المال ويميل للمبالغ فيه.
- {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُور} تشير إلى يوم القيامة حيث يُبعث الأموات.
- {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور} يبرز الإنسان ما خفي في أعماق نفسه.
- {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ} الله عالم بأسرار العباد وأعمالهم.
فوائد وحكم من سورة العاديات
تُدرك سورة العاديات كواحدة من السور القصيرة المتكرر تلاوتها بين المسلمين، حيث تحمل العديد من الفوائد والحكم
- أقسم الله بالخيل، وهو لا يُقسم إلا بعظيم من خلقه.
- تُبرز الحاجة لإعداد الخيل للجهاد.
- توضح معاناة المجاهدين وأحوالهم في المعارك.
- تحفز على أهمية اقتناء الخيل وتربيتها.
- تُظهر أن الإنسان في حياته محط ابتلاء، وعليه المجاهدة للتخلص من صفاته الذميمة.
- تشير إلى حقيقة البعث بعد الموت.
- تُثبت أن القلب يعكس إصلاح الفرد وفساده.
ما معنى كلمة النازعات
لا يقتصر البحث حول معنى كلمة العاديات في القرآن فقط، بل توجد العديد من الكلمات التي تحتاج لتفسير. على سبيل المثال، كلمة النّازعات التي وردت في سورة النّازعات {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا}. تشير إلى الملائكة التي تنزع أرواح الكفار بما يُشبه السفود في نزع الصوف. والغرق هنا يُمكن أن يشير إلى إغراق الأرواح في العذاب بعد الموت.
معنى كلمة المرسلات
نختتم هذا المقال بتوضيح معنى كلمة المرسلات، الواردة في سورة المرسلات {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}. وقد اختلف العلماء في تفسيرها، حيث قيل إنها الرياح التي تتبع بعضها البعض، أو الملائكة التي تُرسل بالعرف. أو حتى الرسل من بني آدم، مما يعني أن المعنى يعود إلى أحد هذه التفسيرات الثلاث.
بهذا نكون قد استعرضنا معاني الكلمات، أسباب النزول، وتفسير سورة العاديات، إلى جانب التعريف بكلمات أخرى مثل النازعات والمرسلات.