تعتبر آخر وصية نطق بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته من الأمور العظيمة التي سلطت الضوء على اهتمامه بأمته حتى في لحظاته الأخيرة. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل تلك الوصية، فضلاً عن مجموعة من الوصايا الأخرى التي قدمها النبي -صلى الله عليه وسلم- في مناسبات متعددة، علاوة على تسليط الضوء على حالته في اللحظات الأخيرة من حياته.

آخر وصية للنبي -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته

كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- دائم الحرص على أصحابه وأمته، حتى أنه في لحظات رحيله وهو على فراش الموت، لم يتوانَ عن تقديم النصح والإرشاد. آخر ما نطق به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتعلق بـ

  • الصلاة وما ملكت أيدي المسلمين.

كما يروي علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في الحديث “كانَ آخرُ كلامِه الصَّلاةَ الصَّلاةَ اتَّقوا اللَّه فيما ملَكت أيمانُكم”.

وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته

تُعَد الأمّة والدين من أولويات الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولذلك أوصى أمته بعدد كبير من الوصايا التي تتعلق بالعقيدة والأخلاق والمعاملات. ومن أبرز وصاياه

التحذير من الغضب

في يوم من الأيام، جاء أحد الرجال إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب منه نصيحة، فقال النبي له “لا تَغْضَبْ”. وقد ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- يعيد هذه الوصية “لا تَغْضَبْ”، وهذا يدل على أهمية تحكم الإنسان في مشاعره والابتعاد عن أسباب الشر.

  • أما الغرض من هذه الوصية، فقد يكون إما السعي نحو اكتساب صفات الأخلاق الحسنة، أو الانصياع للغضب دون اتخاذ القرارات الخاطئة.
  • أو التركيز على عدم الامتثال لما يفرضه الغضب من أفعال، إذ يمكن للإنسان أن يتخطى تلك المشاعر السلبية.

الإحسان إلى الجار

كانت من وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- حرصه على تطوير العلاقات الطيبة بين أفراد المجتمع. فقد كانت توصيات النبي بالجار كثيرة، كما ورد في الحديث الصحيح “ما زال يُوصِينِي جِبْرِيلُ بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ”.

ضرورة تلاوة القرآن الكريم

يُعَدّ القرآن الكريم المنهج الأساسي للمسلمين ونجاة للنفوس. وأوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتلاوة القرآن، حيث قال لأبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- “عليك بتلاوةِ القرآنِ وذِكْرِ اللهِ فإنَّه نورٌ لك في الأرضِ وذُخرٌ لك في السَّماءِ”.

الوصايا للصلاة وصوم ثلاثة أيام في الشهر

تم تأكيد هذه الوصية من ثلاثة صحابة هم أبو هريرة وأبو ذر وأبو الدرداء رضي الله عنهم. حيث قال أبو هريرة “أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ”.

وصايا النبي الأخيرة قبل وفاته

واصل الرسول -صلى الله عليه وسلم- توجيه نصائحه إلى أصحابه حتى الأيام الأخيرة، ومن الوصايا الهامة التي ذكرها

الإيمان بحسن الظن بالله

يُعتبر حسن الظن بالله تجسيدًا للإيمان القوي. وفي حديث رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال “سَمِعْتُ النبيَّ قبل وَفَاتِهِ بثَلَاثٍ يقولُ لا يَمُوتَنَّ أحدكم إلَّا وهو يُحْسِنُ الظنَّ بالله”.

أشار الإمام النووي إلى أن هذا الحديث يُعدّ تذكيرًا بالرجاء وحسن النية، ويبرز ضرورة أن يكون المؤمن دائمًا متمسكًا بالأمل والثقة في رحمة الله.

ضرورة الإحسان إلى الأنصار

الأنصار هم أهل المدينة المنورة الذين ناصروا النبي -صلى الله عليه وسلم- في بداية دعوته، واعتبروا بمثابة عائلته، حيث وصى النبي بهم قائلاً “أُوصِيكُمْ بالأنْصَارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فَاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ”.

رسائل النبي في حجة الوداع

حجة الوداع كانت آخر ما حج به النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان لها أثر عميق، حيث اشتملت على العديد من التوجيهات الإ رشادية للمسلمين

التمسك بالقرآن والسنة

كان من أهم رسائله هي أهمية التشبث بالقرآن والسنة، حيث قال “إنَّ الشَّيطانَ قَد يَئسَ أن يُعبَدَ بأرضِكُم ولكنْ رضِيَ أن يُطاعَ فيما سِوى ذلكَ مما تَحاقَرون من أعمالِكُم”.

الهوية الاقتصادية السليمة

حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على التأكيد على أهمية الكسب الحلال، فقال “وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ…”، ليجنب الأمة الفساد الاقتصادي.

الوصية بالنساء

أكد النبي في حجة الوداع على حقوق النساء وإحسان معاملتهن، قائلاً “اتَّقُوا اللهَ في النِّسَاءِ…”، مما يدل على مكانة المرأة في الإسلام.

اللحظات الأخيرة للنبي

في اليوم الذي وافته المنية، كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في بيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وقد أخذ عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهما- بالدخول إليهم حاملاً معه المسواك، وكان ذلك دليلًا على اهتمامه بالتفاصيل حتى في اللحظات الأخيرة. وعندما طلبت منه أن تأخذ المسواك له، أشار برأسه “نعم”، وتجلى ذلك في التعابير والمشاعر الدقيقة التي كانت تحيط بلحظات وفاته، حيث قال “لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ…”.

وبهذا، نكون قد استعرضنا آخر وصية نطق بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته، مع التفصيل في ما تقدّم من الوصايا التي تمثل دروسًا خالدة للأمة الإسلامية.