تُعتبر الأحاديث المتعلقة بآداب الطعام والشراب من المواضيع الحيوية التي يبحث عنها المسلمون في حياتهم اليومية. إذ أن الشريعة الإسلامية لم تترك جانباً من حياة المسلم دون تنظيم وتوجيه، حتى الطعام والشراب وضع لهما آداب وقواعد تُسهم في الارتقاء بالنفس وتنظيم الحياة. كما تشدد تلك النصوص النبوية على أهمية الالتزام بهذه الآداب لما فيها من مصلحة للمسلمين وخير لهم.
آداب الطّعام والشراب في الإسلام
قبل استعراض الأحاديث المتعلقة بآداب الطعام والشراب، يجدر بنا التعرف على الآداب التي يشجع عليها الإسلام، والتي ينبغي على كل مسلم الالتزام بها، لما لها من أثر في حفظ النعمة وتحقيق الاعتدال في العقل والجسد. نذكر فيما يلي بعض آداب الطعام والشراب
- البسملة عند بدء الطعام أو الشراب، وهو ما كان يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ويحثّ عليه صحابته.
- في حال نسي المسلم أن يذكر الله قبل طعامه، عليه أن يقول “بسم الله أوله وآخره”، لتعزيز أهمية ذكر الله عند القيام بكل فعل.
- تناول الطعام باليد اليمنى، وهو أمر يرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمخالفة الشيطان الذي يأكل باليسرى.
- الأكل من الطعام القريب، وعدم التوجه إلى الطعام الآخر قبل الانتهاء مما يليه مباشرة.
- الفوز بالأكل من جوانب الطبق أولاً، وعدم البدء من الوسط.
- التواضع في تناول الطعام وعدم انتقاصه أو التعالي عليه.
- الجلوس بشكل معتدل أثناء الطعام، والامتناع عن الأكل في وضعية الاستلقاء.
- تجنب الإسراف في الطعام والشراب، وأخذ الحذر من النفخ فيهما كما أوصى النبي.
- عدم هجر ما يسقط من الطعام على الأرض بل التقاطه وأكله، حفاظًا على النعمة.
أحاديث متعلقة بآداب الطعام والشراب
يمثل الالتزام بآداب الطعام والشراب استجابة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واضعًا في الاعتبار الفوائد العديدة لهذه الآداب في حياة المسلم. فيما يلي نعرض مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على الالتزام بهذه الآداب
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل بسم الله، فإن نسي في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره.”
- كما قال “إذا أكل أحدكم طعامًا فلا يمسح يده حتى يلعقها، أو يلعقها.”
- قال أيضاً “إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها، فليمط ما كان بها من أذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان.”
- وقال “إن البركة تنزل في وسط الطعام، فكلوا من حافاته، ولا تأكلوا من وسطه.”
- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما ينتهي من طعامه كان يقول “الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم من لا كافي له ولا مؤوي.”
- وقد قال “ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من بطن، بحسب ابن آدم أكلاتٍ يُقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسيه.”
- زُِيّد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله “لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة.”
- ورد عنه أيضاً “لا آكل وأنا متكئ.”
- إن خير الهدي وأحسنه هو هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى المسلم أن يتبعها لينال الأجر في الآخرة.
هدي النبي في الطعام
بعد استعراض الأحاديث المتعلقة بآداب الطعام والشراب، من الضروري تسليط الضوء على هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن. فقد كان النبي لا يعيب الطعام أو يرده، بل يأكل مما هو موجود ويترك ما لا يرغب فيه. ولم يكن يتناول الطعام قائماً أو متكئًا. كان يجتهد في تسمية الله قبل الطعام، ويحمد الله عند الفراغ منه. وعندما يقع طعام على الأرض، كان يأخذه وينظفه بدلاً من تركه. ولقد أوصى النبي المسلمين بتعليم الأطفال آداب الطعام منذ الصغر.
هدي النبي في الشراب
كما لا يمكننا تجاهل الهدي النبوي في الشرب، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهتم بآداب شرب الماء، فلم يكن يشربه إلا من مصادر نقيّة. وكان أحيانًا يمزج الماء بالتمر أو الزبيب. ومن الآداب التي اتبعها النبي في الشرب
- النهي عن التنفس داخل الإناء، إذ يُفضّل التنفس خارجه.
- على الرغم من النهي عن الشرب وقوفًا، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد شرب في بعض الأحيان لبيان جواز ذلك.
أثر آداب الطعام والشراب على صحة الإنسان
مع مرور الزمن وتقدم العلوم، بدأ العلماء في اكتشاف المعاني العميقة والفوائد الصحية المتضمنة في آداب الطعام والشراب التي أوضحها الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فمن خلال الالتزام بهذه الآداب، يمكن أن نحقق فوائد صحية متعددة ترتبط بالجسم، تشمل
- تنظيم كميات الطعام بما يُحقق توازن الغذاء.
- تعزيز مناعة الجسم ضد الأمراض.
- تحسين عمليات الهضم.
- الحفاظ على توازن البكتيريا المفيدة في الأمعاء.
- تجنب الأمراض المعدية والمعوية.
تدل أهمية آداب الطعام والشراب على تأثيرها العميق على صحة الإنسان. ومن خلال الالتزام بها، يمكن للمسلم كسب الأجر من خلال اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي تنعكس بشكل إيجابي ليس فقط على روحه بل أيضًا على صحته البدنية.