تعتبر أحاديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- حول فضل زيارة المريض من الأمور الهامة التي تعكس حسن العلاقات الاجتماعية في الإسلام. فقد كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يدعو المسلمين لفعل كل ما يعود عليهم بالخير في الدنيا والآخرة. ففي الشريعة الإسلامية، يوجد العديد من الأحكام التي تعزز من الروابط الاجتماعية بين الأفراد، سواءً كانوا من الأقارب أو الغرباء. وتؤكد الأحاديث النبوية، سواء كانت قدسية أو غير قدسية، على أهمية زيارة المريض وبيان فضلها الكبير.
أهمية زيارة المريض
قبل تناول أحاديث عن فضل زيارة المريض، يجب علينا أن نتطرق إلى مفهوم هذه الزيارة وحكمها. فقد أثبت الفقهاء والعلماء، بما في ذلك المذاهب الأربعة الشافعي والحنبلي والمالكي والحنفي، أن زيارة المريض هي سنة مستحبة. وهذا ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “حق المسلم على المسلم خمس رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنازة، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس”. كما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري، حيث قال رسول الله “فكوا العاني، وأطعموا الجائع، وعُودوا المريض”. وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يزور المرضى من أصدقائه ومن غير المسلمين، حيث عاد غلامًا يهوديًا عندما مرض، وهذا كان له تأثير كبير في إسلامه.
أحاديث نبوية تدل على فضل زيارة المريض
تتضمن السنة النبوية أحاديث متعددة تتناول فضل زيارة المريض. فالإسلام يوجه المسلمين إلى التعامل مع بعضهم بحسن أخلاق، مما يقوي أواصر المودة والمحبة بينهم. كما يحدد الإسلام حقوقًا على المسلم تجاه أخيه، ليكون المجتمع الإسلامي مترابطًا ومتينًا. ومن أبرز الأحاديث في هذا الخصوص
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم- “من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله، ناداه منادٍ أن طبت وطاب ممشاه وتبوأت من الجنة منزلاً”.
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلت عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عادَه عشيةً صلت عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح، وكان له خريفٌ في الجنة”.
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم- “من عاد مريضًا لم يزل يخوض الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها”.
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “من عاد مريضًا لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع”.
- لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعود كل مريض ويحث صحابته على عيادته، حيث إن في ذلك أجورًا وفضائلَ كثيرة، لذا يجب على المسلم اتباع وصيته في عيادة المريض، فالواجب محاسبته يوم القيامة إن لم يؤدِّ هذا الحق.
حديث قدسي حول زيارة المريض
فيما سبق تحدثنا عن الأحاديث النبوية، والآن ننتقل إلى الحديث القدسي حول زيارة المريض. فقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال “إن اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ يومَ القيامة يا ابن آدم، مرضتُ فلم تعُدني، قال يا رَبِّ كيف أعودُكَ وأنتَ رَبُّ العالمين قال أما علمتَ أن عبدي فلانًا مرضَ فلم تعُدْه، أما علمتَ أنك لو عُدْتَه لوجدتني عنده”. هذا الحديث يعكس حب الله تعالى لمن يعود المرضى، وما يكنه من أجر عظيم لمن يسير على هذا النهج.
آداب زيارة المريض
لقد أشرنا سابقًا إلى الأحاديث المتعلقة بفضل زيارة المريض، لكن من المهم أيضًا معرفة الآداب العامة التي يجب اتباعها أثناء هذه الزيارة. ومن بعض الآداب الموصى بها
- يستحب الدعاء للمريض بالخير، كما كان يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- يجب مراعاة وقت الزيارة وعدم إطالة الجلوس لتفادي إرهاق المريض.
- يستحب تشجيع المريض على التوبة إلى الله، ليغفر له ذنوبه.
- ينبغي ترغيب المريض في كتابة وصيته، نظرًا لأن الإنسان لا يدري متى تفاجئه المنية.
- يجب تحفيز المريض على حسن الظن بالله والثقة في قدرته.
- يفضل عدم زيارة المريض يوميًا تجنبًا لإرهاقه.
فضائل زيارة المريض
زيارة المريض تحمل في طياتها العديد من الفضائل، والتي تأتي تأكيدًا لما ورد في السنة النبوية. ومن أبرز هذه الفضائل
- التواجد في معية الله تعالى، حيث يكافئ الزائر بأحسن الجزاء.
- تكون الملائكة في صلاة على العائد من الصباح حتى المساء، ومن المساء حتى الصباح.
- تنزل رحمة الله ومغفرته على من يزور مرضى لوجهه الكريم.
- التمتع بالسعادة والنعيم في الدنيا والآخرة، مع ارتفاع الدرجات في الجنان.
- الشعور بالنعمة، وخاصة نعمة الصحة، وشكر الله تعالى قبل فقدانها.
في هذا المقال، قدمنا أحاديث نبوية تتعلق بفضل زيارة المريض، حيث تناولنا حكمها وشرحنا كيفية استمرار السنة النبوية في حياتنا. كما أشارنا إلى أهمية الحديث القدسي الذي يدل على أهمية هذه الزيارة. لذا ينبغي على كل مسلم اتباع سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته في عيادة المريض والامتثال لما أوصي به في هذا الشأن.