تتجلى عظمة الخالق في التساؤلات التي تطرحها الآية الكريمة “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون”، حيث يشير هذا النص إلى أهمية الاعتراف بوجود الله -سبحانه وتعالى- كخالق الكون، ورفع السموات، وبسط الأرض، وخلق كل شيء من العدم. لقد منح الله الإنسان العقل وأمره بعبادته وحده، وأنزل رسلاً ليهدوا البشرية، وختم بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي أنزل عليه القرآن ليكون منهجًا ودستورًا للمسلمين. من هنا، يصبح من الضروري الخوض في دلالة هذه الآية لفهم أساسيات الإيمان.
دلالة الآية الكريمة “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون”
يُعتبر القرآن الكريم المصدر الأساسي للتشريع في الإسلام، إذ يشتمل على آيات تعزز الفطرة الإنسانية السليمة وتعينها على التخلص من الشوائب. يعتبر فهم الآيات القرآنية من الأمور المهمة التي يجب أن يسعى المسلم لمعرفة دلالاتها. ومن بين الأسئلة الأساسية المتعلقة بالقرآن الكريم نجد
- تدلّ الآية “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون” على وجود الله -سبحانه وتعالى- وتأصيل مفهوم توحيد ربوبيته وألوهيته.
فإن الإقرار بوجود الله من الأمور الفطرية التي فطر الله الناس عليها. والآيات القرآنية تتضمن دلائل واضحة على وجود الله ووحدانيته، حتى من دون نصوص صريحة تدل على ذلك. فالآية المذكورة تدعو الناس للتفكر والتأمل في قدرة الله على الخلق، وتعود بهم إلى فطرتهم السليمة.
تفسير الآية “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون”
يقول الله -عز وجل- في سورة الطور {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ}. يتناول تفسير هذه الآيات موضوع إثبات ربوبيته وتوحيد ألوهيته. تتساءل الآية عن وجود البشر، هل وُجدوا بلا مُوجد، أم أنهم خالقون بأنفسهم ليأتي الجواب بأن الخالق الحقيقي هو الله تعالى الذي أوجدهم من العدم. تدين الآية المشركين الذين يتجاهلون هذه الحقيقة، رغم أنهم يعلمون أن الله هو الخالق الوحيد.
مفهوم توحيد الألوهية
فيما سبق، تحدثنا عن الآية “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون”، والتي تعكس مفهوم توحيد الله -تبارك وتعالى- ووجوده. والآن، يجب علينا التطرق إلى أنواع التوحيد، بدءًا بتوحيد الألوهية. يُعرف توحيد الألوهية في الشريعة الإسلامية بأنه العبادة لله وحده دون شريك، مع إخلاص القلب ومحبة الخالق. وهو عمق معنى “لا إله إلا الله” التي خُصصت لها العبادة.
لكي يكون توحيد الألوهية صحيحًا، يجب أن يتحقق فيه ركنان الأول هو الخضوع لله -سبحانه وتعالى- في العبادة، والثاني هو المحبة الكاملة لله جل وعلا. بالإضافة إلى ذلك، هناك شرطان لضمان صحة الإيمان، وهما معرفة الله -تبارك وتعالى- ومحبته وخشيته ومعرفة الشريعة الإسلامية وتكاليفها وأحكامها.
مفهوم توحيد الربوبية
توحيد الربوبية يتجسد في الاعتقاد الجازم بأن الله -تبارك وتعالى- هو خالق الكون والخلق أجمعين، بلا شريك في ذلك. هذه العقيدة تعزز من أهمية الإيمان بقدرة الله المطلقة وبأنه المتصرف في شؤون خلقه. كما يتضح من الآية {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. يجب على المؤمن أن يكون على يقين تام بهذه الحقيقة.
مفهوم توحيد الصفات والأسماء
يتعلق توحيد الصفات والأسماء بنسب الأسماء الحسنى لله تعالى دون غيره. يُفترض أن تُنسب الصفات والأسماء المذكورة في القرآن الكريم وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لله وحده، بغض النظر عن أي شيء آخر. فلا يوجد مثيل لله، فهو الأحد الفرد الصمد، القوي الذي لا يضعف، والحي الذي لا يموت، والباقي الذي لا يفنى. قال الله -عز وجل- {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
نصل هنا إلى نهاية مقالنا حول “أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون دليل على”، حيث استعرضنا الإجابة على السؤال المطروح، وفسرنا الآية الكريمة المذكورة، وناقشنا أقسام التوحيد في الشريعة الإسلامية.