تُعتبر حفظ القرآن الكريم سمة بارزة في تاريخ أمة محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يعد هذا الكتاب المقدس معجزة يتفرد بها الله تعالى عن سائر الأمم. تحدى الله -عز وجل- شعوب الأرض بأسرها ليأتوا بكتاب مثله، فأثبت القرآن الكريم من خلال بلاغته وعمقه أنه لا يضاهى. إن لتلاوة وحفظ القرآن الكريم أجرًا عظيمًا في الحياة الدنيا والآخرة، وفي هذا المقال، سيتم استعراض منزلة القرآن الكريم، وأهمية حفظه، وآداب تلاوته، بالإضافة إلى فضل تحفيظ الأطفال للقرآن.

منزلة القرآن الكريم

القرآن الكريم هو الكتاب الخالد الذي أُرسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم لهداية البشرية جمعاء، كما يتضح من قوله تعالى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}. تجلب تلاوة القرآن الكريم الأجر الوفير للعبد الذي يتقرب إلى الله به، كما ورد في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}. يعكس القرآن الكريم نظامًا دقيقًا للسلوك الإنساني وتنظيم الحياة. من يتمسك به فقد حَصل على أكبر وأشرف العُرى، ومن أعرض عنه فقد ضل ضلالًا بعيدًا. قد أثبت الله تعالى أن البشر عاجزون عن التحدي بالمثل، فقد كتب في المصاحف وحُفظ في صدور المؤمنين، ويُستحب تلاوته بشكل دائم، حيث يُعطى في كل حرف عشر حسنات سواء من خلال التلاوة أو من خلال تدبر المعاني. كما يحتوى على الأحكام، الشرائع، المواعظ، والقصص، مما يجعل منه دستور حياة ونبراس لكل مسلم. قال تعالى {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا}. إن أجر قراءة القرآن الكريم وحفظه وتدبر معانيه لا يُحصى.

أهمية حفظ القرآن الكريم

يعد فضل القرآن الكريم عظيمًا في الدنيا والآخرة، إذ ينال حافظه مكافأة تفوق التصور، وفيما يلي أبرز النقاط لتوضيح أهمية حفظ القرآن الكريم

  • اقتداء بحياة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يتلوه ويتعبد بقراءته مع جبريل عليه السلام.
  • مقام حافظ القرآن يرفع من مكانته، حيث يُصنف مع السفراء الملائكة الأبرار. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهو حافِظٌ له، مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ”.
  • يُعطى حافظ القرآن تاج الكرامة عند الرب، حيث يطلب القرآن من الله زيادة النعمة له.
  • يكون أهل القرآن هم خاصة الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “أهل القرآن أهل الله وخاصته”.
  • يحقق حافظ القرآن الفوز بالجنة، حيث يعتبرهم الناس من عُرفاء أهل الفردوس.
  • الغبطة الحقيقية تكمن في حفظ القرآن، كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
  • حفظ القرآن الكريم هو خير من متاع الدنيا كلها، كما جاء في أقوال الرسول.

آداب تلاوة القرآن الكريم

تتطلب تلاوة القرآن الكريم التزامًا بمجموعة من الآداب التي تجعل منها عبادة مقبولة. من الضروري لأداء هذه العبادات مراعاة النقاط التالية

  • إخلاص النية عند قراءة القرآن الكريم.
  • التأكد من الطهارة أثناء القراءة.
  • التسوك قبل البدء بالتلاوة.
  • الاستعاذة والبسملة قبل الشروع في القراءة.
  • ترتيل القرآن الكريم بشكل جميل.
  • الاجتماع في بيت من بيوت الله لتلاوة القرآن.
  • يجب التوقف عن القراءة عند الشعور بالنعاس.
  • يُفضل ألا يقرأ القرآن في أقل من ثلاثة أيام.
  • البكاء أو التباكي عند التلاوة.
  • تحسين الصوت أثناء القراءة.
  • القراءة من المصحف ومراعاة سجدات التلاوة.
  • الجلوس بأدب أثناء التلاوة.
  • عدم جهر القراءة بشكل يؤذي الآخرين.
  • عدم الهجر للتلاوة والالتزام بها.

فضل تحفيظ القرآن للأطفال

تعتبر تنشئة الأطفال إيمانيًا ضرورة قصوى، ويجب أن يبدأ الأهل بتحفيظ أبنائهم للقرآن الكريم، لكون الطفل الذي يحمل القرآن في قلبه يضيء دروب الحياة. بعض فضائل تحفيظ الأطفال للقرآن تشمل

  • الاقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في تحفيظ القرآن.
  • تحفيظ القرآن يقوي الذاكرة لدى الطفل.
  • يسرع التحفظ لدى الأطفال، فتُصبح لديهم ملكة الحفظ العالية.
  • يساهم في زيادة نسبة الذكاء، كونه يحتوي على المواعظ والحكم.
  • يضيء قلب الطفل بنور الإيمان ويدعمه القبول في المجتمع.
  • ينال الأهل تاج الوقار بفضل حفظه.

القواعد الذهبية في حفظ القرآن الكريم

يتطلب حفظ القرآن الكريم جهدًا ووقتًا كبيرين لتثبيته في قلب الحافظ. ولتسهيل هذه المهمة، هناك عدة قواعد يمكن اتباعها، منها

  • إخلاص النية لجعل حفظ القرآن هدفًا روسيًا.
  • تصحيح نطق الآيات قبل البدء بالحفظ.
  • تحديد كمية معينة للحفظ يوميًا، كصفحة أو حزب.
  • التكرار المستمر للآيات.
  • اجتهاد الحفظ مع عدم تجاوز النسبة اليومية.
  • الالتزام بالتلاوة المستمرة.
  • عدم الاستعراض عن مقدار الحفظ أمام الآخرين.
  • استخدام مصحف ثابت للحفظ وعدم تغييره.
  • الفهم يكون عونًا في حفظ الآيات.
  • عدم الانتقال من سورة قبل ربط أولها بآخرها.
  • التسميع الدائم لتثبيت الحفظ.
  • المتابعة وة الدائمة.
  • الورد الثابت والمستمر.

ختامًا، يتضح لنا من خلال هذا المقال أهمية حفظ القرآن الكريم، ومنزلته الرفيعة، وفضل تحفيظ الأطفال لكتاب الله، وأهم القواعد لتيسير عملية الحفظ. نسأل الله أن يجعلنا جميعًا ممن يحفظون كتابه الكريم ويتبعون هديه.