تتجلى المشاعر الدينية والذكريات الحزينة في أشعار العديد من الشعراء الذين سجلوا قصائدهم في مدح وتخليد أحداث تاريخية مهمة. ومن بين هذه الأعمال، نجد قصيدة “أحرم الحجاج عن لذاتهم” التي نظمها الشيخ حسن الدمستاني، والتي تظل شاهدة على الأحداث المحزنة المرتبطة بسيرة الإمام الحسين -عليه السلام-. يهدف هذا المقال إلى تقديم معلومات شاملة حول هذه القصيدة، بالإضافة إلى تضمين أبياتها الكاملة.

الشيخ حسن الدمستاني شخصية أدبية بارزة

ينحدر الشيخ حسن الدمستاني من عائلة معروفة في (عالي حويص) بقرى البحرين، حيث عاش في بلدة (دمستان) التي تنسب إليه. تميز الدمستاني بشعره الذي حمل طابع الرثاء الحسيني، مما ساهم في شهرته بين أهل البحرين. ومن أبرز أعماله تلك القصيدة التي تحمل عنوان “المربعة الدمستانية”، ومطلعها “أحرم الحجاج عن لذاتهم”. تترك آثار قصائد الدمستاني في نفوس الجمهور تأثيرًا كبيرًا نظرًا لما تتضمنه من أحزان وأسى. وقد توفي في القطيف عام 1767م، تاركًا وراءه مجموعة من المؤلفات والأشعار التي نالت إعجاب الكثيرين.

قصيدة أحرم الحجاج عن لذاتهم نص كامل

تعتبر قصيدة “أحرم الحجاج عن لذاتهم” من القصائد الطويلة التي أصلها تعبير عن الألم والفراق. يبدأ الشاعر بقوله

أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور
وانا المحـرم عـن لذاته كـل الدهور
كيف لا احرم دأبا ً ناحراً هـدي السـرور
وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين
حق للشارب من زمزم حب المصطفى
ان يرى حق بنيـه حرمـاً معتكفـا
ويواسيهم والا حاد عن باب الصفـا
وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين
فمن الواجب عينا ً لبس سربال الاسى
واتخاذ النوح ورداً كل صبـح ومسـا
واشتعال القلب احزاناً تذيـب الانفسـا
وقليل تتلف الارواح فـي رزء الحسيـن
لست انساه طريداً عن جوار المصطفى
لائذاً بالقبـة النوراء يشكـوا اسفـا
قائلاً ياجد رسم الصبر مـن قلبي عفى
ببلاء انقض الظهـر وأوهى المنكبـين
صبت الدنيا علينا حاصباً مـن شرهـا
لم نذق فيها هنيئـاً بلغـةً من بُرهـا
ها أنا مطرود رجس هائـم فـي بَرهـا
تاركا ً بالرغم مني دار سكنى الوالديـن
ضمني عندك يا جداه فـي هذا الضريح
علني ياجد من بلـوى زماني استريح
ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح
فعسى طود الاسى يندك بيـن الدكتيـن
جد صفـو العيش مـن بعدك بالاكدار شيب
وأشاب الهـم رأسي قبل اُبان المشيب
فعلا مـن داخل القبـر بكاء ونحيب
ونـداء بافتجـاع يا حبيبـي ياحسيـن
انت ياريحانـة القلب حقيـق بالبـلاء
انمـا الدنيـا اعـدت لبـلاء النبـلاء
لكـن الماضي قليـل فـي الذي قد أقبلا
فاتخذ ذرعين مـن صبر وحسـم سابغين
ستذوق الموت ظلما ً ظاميـا ً فـي كربلا
وستبـقى فـي ثراهـا عافـراً مجنـد
وكأنـي بلئيـم الاصل شمراً قـد عـلا
صدرك الطاهر بالسيف يحـز الودجيـن
وكأني بالأيـامى مـن بناتـي تستغيـث
سغباً تستعطف القوم وقـد عـزّ المغيـث
قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث
بينهـا السجاد فـي الاصفاد مغلول اليدين
فبكى قـرة عين المـصطفى والمرتضى
رحمـةً للآل لا سخـطا ً لمحتـوم القضا
بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا
مقتدى الأمـة والي شرقهـا والمغربيـن
حيـن نبأ آلـه الغـر بما قال النبـي

استخلاصات من قصيدة أحرم الحجاج عن لذاتهم

تتضمن القصيدة اقتباسات مميزة يمكن تسليط الضوء عليها، ومن أبرز الأبيات

  • بأبي أقمار تُـمٍ خسفـت بيـن الصفاح
    وشموساً من رؤوس فـي بروج مـن رماح
    ونفوساً منعـت ان تـرد الماء المبـاح
    جرعـت كـأسي اُوام وحمـام قاتليـن
    عندها ظل حسين مفرداً بيـن الجمـوع
    ينظر الآل فيذري من اماقيـه الدمـوع
    فانتظى للذب عنهـم مرهف الحد لموع
    غرمـه يغريـه للضرب نمار الصفحتيـن
    فاتحاً من مجـلس التوديع للأحباب بـاب
    فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب
    موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب
    زينب الطهـر بأمـر وبنهـي نافذيـن

  • وحقيق بعد كسف الشمس ان تبدوا النجوم
    يتسابقن الى موضع ما خر الحسين
    وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر
    يهبر الاوداج منـه بالحسام الباتر
    فتساقـطـن عـليـه بفـؤاد طائـر
    بافتجـاع قـائـلات خـل ياشمر حسين
    رأس من تقطـع ياشمر بهذا الصارم
    ليس من تفري وريديـه بكبش جاثم
    ان ذا سبط النبي القرشي الهاشمي
    ابواه خير اللـه فذا ابن الخيرتين
    ارفع الصارم عن نح الامام الواهب
    عصمة الراهب في الدهر وملفى الهارب

الأثر الاجتماعي لتاريخ حرم الحجاج

يعتبر اليوم الثامن من ذي الحجة من كل عام مناسبة دينية هامة، يتذكر فيها المسلمون أحداث واقعة كربلا وسعي الإمام الحسين -عليه السلام-. ويشير العديد من المؤرخين إلى أن الإمام الحسين أحل إحرامه بناءً على ضرورات قد تم تدبيرها للإيقاع به. هذه الأحداث التاريخية الغنية بالأسى تساهم في تعزيز مكانة قصيدة “أحرم الحجاج عن لذاتهم” كواحدة من أشهر القصائد المرتبطة برثاء أهل البيت.

ديوان الشيخ حسن الدمستاني

يمتاز الشاعر حسن الدمستاني بالعديد من المؤلفات التي تغطي مجموعة متنوعة من المواضيع الشعرية. من أبرز أعماله “ديوان الشعر” الذي يجمع قصائد متنوعة، بالإضافة إلى مؤلفات أخرى مثل “انتخاب الجيد من تنبيهات السيد” و”أوراد الأبرار في مأتم الكرار”، علاوةً على “نظم مقتل الحسين”.

في خاتمة المطاف، نستعرض في هذا المقال قصيدة “أحرم الحجاج عن لذاتهم”، حيث تناولنا تفاصيلها وأبرز ما جاء فيها من أبيات وشهادات شعرية، مما يعكس أهمية هذه القصيدة في الثقافة الأدبية والدينية، إلى جانب التعريف بالشيخ حسن الدمستاني وأعماله المتنوعة.