يُعتبر موضوع حكم صلاة النافلة عند إقامة الصلاة المفروضة من القضايا الهامة في الفقه الإسلامي، حيث يتعين على المسلم معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالصلاة لتطبيقها في حياته اليومية. وقد حثَّنا الله تعالى ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم على أداء صلاة النفل التي تُعتبر من السنن غير المفروضة، والتي تنقسم إلى أنواع عدة تشمل السنن المؤكدة وغير المؤكدة، بالإضافة إلى السنن المقيدة بسبب أو وقت، مثل سنن الرواتب. سنستعرض في هذا المقال حكم صلاة النفل عند إقامة الصلاة المفروضة، وما يتعلق بذلك بناءً على الأدلة من القرآن والسنة.
تعريف صلاة النافلة
تُعرف صلاة النافلة، أو كما تُسمى أيضًا صلاة التطوع، بأنها تلك الصلوات التي تُؤدى غير الفروض. وتُعتبر صلاة النافلة من السنن المؤكدة، حيث تُصلى ركعتين ركعتين مع التشهد والتسليم، باستثناء صلاة الوتر التي تُؤدى ركعة واحدة. تتوزع صلاة النفل إلى نوعين؛ الأول مقيد بوقت أو بسبب، بينما الثاني مطلق. تشمل الصلوات المقيدة بتوقيت معين قابلية الأداء في أوقات محددة، مثل سنن الرواتب، وصلاة الضحى، وصلاة الوتر. بينما تتضمن الصلوات المقيدة بسبب مثل صلاة الاستسقاء، وصلاة تحية المسجد. ومن ناحية أخرى، تشمل صلاة النافلة المطلق تلك التي لا تُقيد بوقت أو سبب معين. تعتبر الصلوات النفل اليومية، والتي تصل إلى 34 ركعة، من أبرز أنواع النوافل، كما هو موضح أدناه
- نافلة الفجر ركعتان قبل الفجر، وهي سنة مؤكدة.
- نافلة الضحى ركعتان من الضحى حتى صلاة الظهر.
- نافلة الظهر 4 ركعات قبل صلاة الظهر وركعتان بعده.
- نافلة العصر 4 ركعات قبل العصر وهي من السنن غير المؤكدة.
- نافلة المغرب ركعتان قبل المغرب، وهي كذلك من السنن غير المؤكدة.
- نافلة العشاء تشمل ركعتين بعد العشاء (سنة مؤكدة) وركعتين قبل العشاء (سنة غير مؤكدة)، وتختتم بصلاة الوتر.
- نافلة الليل ليست محددة بعدد معين، بل غالبًا تتضمن ثمان ركعات، بالإضافة إلى ركعتين للشفع وركعة للوتر.
حكم البدء في النافلة عند إقامة الصلاة المفروضة
بمجرد أن يُقيم الشخص الصلاة، يصبح من المحرم عليه البدء في أداء صلاة نافلة. هذا جزء من الإجماع بين الأئمة الأربعة (الحنفية، المالكية، الشافعية، والحنابلة)، وقد ورد ذلك في السنة النبوية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم {إذا أُقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة}، مما يدل على أهمية عدم الانشغال عن صلاة الجماعة. كما أشار ابن قدامة إلى أن المسلم يجب ألا يشتغل بنافلة حال إقامة الصلاة، سواء كان يخشى فوات الركعة الأولى أم لا، وذلك استنادًا إلى روايات أبي هريرة وابن عمر وعروة وابن سيرين.
حكم النافلة عند إقامة الصلاة
في حال أقيمت الصلاة أثناء أداء صلاة النافلة، فقد تباينت الآراء بين الفقهاء. وفقًا لمذهب الشافعية والحنابلة وبعض السلف، إذا تمت إقامة الصلاة أثناء أداء النافلة، فعليه إتمام صلاته، ولكن يجوز له قطعها إذا شعر بأنه سيفوت صلاة الجماعة، استنادًا إلى قوله تعالى “وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ”. هذا لأن الفرائض لها أولوية قصوى، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم “فلا صلاة إلا المكتوبة”.
هل يمكن قطع النافلة للانضمام إلى الإمام
نعم، يُسمح بقطع صلاة النافلة إذا أُقيمت الصلاة المُفروضة لاستدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام. وقد أشار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إلى أنه إذا أقيمت الصلاة والمرء في الركعة الأولى من النافلة، فيجوز له قطعها. أما في حال كان في الركعة الثانية، فيمكنه إتمامها بإيجاز حتى يلحق بصلاة الفرض، كما ثبت في الحديث “من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة”. ويجدر بالمسلم عند قطع الصلاة أن يقوم بذلك دون تسليم، مما يسمح له بالانضمام للإمام مباشرة.
فضل صلاة النافلة
تكتسب صلاة النافلة أهمية كبيرة نظرًا لأفضالها العالية ومنافعها القيم، حيث تُعتبر بمثابة تربط بين العبد وربه وتساعد في تعبئة الفجوات والتقلبات التي قد تحدث أثناء أداء الفروض. كما تُعتبر سنن الرواتب بمثابة وسائل لتعويض النقص الحاصل في الفروض مثل الصيام والزكاة. وقد ورد في سنن ابن ماجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “إن أول ما يُحاسب به العبد المسلم يوم القيامة الصلاة المكتوبة، فإن أتمها، قيل انظروا هل له من تطوع”، مما يبرز مكانة النوافل في حياة المسلم.
في الختام، قمنا بتفصيل موضوع حكم صلاة النافلة عند إقامة الصلاة المفروضة، وتطرقنا إلى الأحكام المتعلقة بهذا الأمر من خلال الأحاديث والشروح الفقهية. كما تناولنا أيضًا كيفية تصرف المسلم عند بدء الصلاة في النافلة وكيفية قطعها للانضمام إلى الإمام. وأخيرًا، استعرضنا فضل صلاة النافلة وتأثيرها على حياة المسلم.