تتداول الأحاديث غير الصحيحة بين الناس، والتي تُنسب زوراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما يدفع الكثيرين إلى دراسة مدى صحة هذه الأحاديث. في هذا البحث، سنتمحور الحديث حول البحث عن صحة حديث “إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها”، بالإضافة إلى تناول مسألة تحريم قرع الكؤوس، ودوافع تحريم شرب الخمر في الإسلام.
تحليل حديث “إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها”
يجب الإشارة إلى أن حديث “إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها” ليس له أصل في السنة النبوية، كما لم يُذكر في كتب الحديث أو الموضوعات. يبدو أن هذا الحديث قد ظهر لاحقًا في الثقافة الشعبية. وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله حول هذا الحديث، وأكد أنه “ليس له أصل”. وفي سياق مشابه، سُئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن صحة هذا القول، فأجاب بأنه “لا يصح”.
انطلاقًا من هذه الآراء الفقهية، فإنه من الواضح أن الحديث المذكور لا يُعتبر من الأحاديث النبوية الصحيحة ويجب توخي الحذر من تداول مثل هذه المعلومات.
موقف الإسلام من قرع الكؤوس
تتناول الشريعة الإسلامية مسألة قرع الكؤوس أثناء الشرب بفرض التحريم، نظراً لأنه يُعتبر تشبهاً بعادات الشاربين للخمر، حيث يرتبط بهذا السلوك مظاهر تؤدي إلى الوقوع في المعاصي. يظهر ذلك في قول الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله، الذي يُفصِّل عواقب احتشاد الجماعات حول الجلسات المليئة بالشراب، حتى وإن كان المشروب مباحاً في حد ذاته. فهو يعتبر أن هذه الظواهر تُعد تشبهًا بأهل الفساد، مما يجعل هذا الفعل محرمًا.
أسباب تحريم الخمر في الإسلام
تُعتبر الخمر من أكبر المحرمات، وقد حُرمت في الإسلام بغض النظر عن كميتها، صغيرها أو كبيرها. الهدف من تحريم الخمر هو الحماية والصيانة، وليس العقوبة أو الحرمان. فالإسلام يرى أن الخمر تؤثر سلبًا على عقل الإنسان مما يؤدي إلى تصرفات تضر بالصحة والروح، وتسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية. فضلاً عن الأمراض التي قد تنتج عن شربها، فإن لها دور في خلق العداوات والانقسامات بين الناس، وتصد عن ذكر الله والصلاة.
ومما يجعل تناول الخمر جناية على العقل هو ما تسببه من تلف للقيم والأخلاق، بينما تعزز من الفساد والانحلال. لذا، حرم الله تعالى الخمر بكل أشكالها، سواء كان شرباً أو تجارة أو زراعة، بغرض حماية العقول وصيانة الأموال والأعراض.
وبهذا نكون قد استعرضنا في هذا المقال العديد من الأبعاد المرتبطة بحديث “إذا قرعت الكؤوس حرم ما فيها”، والحكم الإسلام من قرع الكؤوس، فضلاً عن الحكمة وراء تحريم الخمر.